محو إيبو شاشو Miĥê Îb Şaşê

 

محو إيبو شاشو Miĥê Îb Şaşê   

اسمه “محو”، ووالده “إيبو شاشو”. ولد في قرية Baseka ()  في سهل ليجه Lêçe على الحدود السورية التركية الحالية، وكانت تابعة لناحية راجو قبل ضم لواء الاسكندرون إلى تركيا، وهو أصغر اخوته الثلاثة. وإثر نزاع مع أخواله ومع آغوات القرية من أسرة “ره ش آغا” Reş aĝa ، غادرت أسرته القرية، فلاحقها رجال الآغا وأحد أخواله الذي قتل في المواجهة، وتمكنت العائلة من اللجوء إلى آل برمدا في حارم، ثم غادرتها إلى العمق، وأقامت لدى أحمد آغا كنج كفلاحين.

وهناك، قطع “محو” الطريق على حافلة عثمانية كانت تحمل البريد، فقتل ثلاثة جنود، واعتُقِلَ على أثرها وزُجَّ به في سجن حلب. وبعد سقوط السلطة العثمانية، أطلق الإنكليز سراح كافة المساجين و كان من بينهم “محو”.

efrin

يقول أقرباء “محو” في قرية “كورزيل جومه”، إنه بعد أن حلت القوات الفرنسية محل الإنكليزية في سوريا، اجتمع “محو” ورجال آخرون من حلب في حي “آغيول”، وقرروا محاربة الفرنسيين، ولكن خوفا من أن يلحق الأذى بالمدينة، تراجع الحلبيون عن ذلك، فعاد “محو” إلى العمق، وبدأ القيام  بنشاطات معادية للفرنسيين. وكتب أدهم آل جندي عن “محو باشا” في العمق في هذه الفترة، ما يلي:          

المجاهد “محو” الكردي هو المجاهد البطل “محو إيبو شاشو الكردي” الذي أطلق الرصاصة الأولى في وجه الفرنسيين المستعمرين، وكانت عصابته هي النواة الأولى لتشكيل العصابات السورية. فقد أرسلت الحكومة المحلية في حارم قوة من الدرك لمطاردة هذا المجاهد، الذي كان وكيلا لدى أحمد بك مرسل المنافس لأبناء عمه الموالين للفرنسيين، فتوارى “محو” عن الأنظار، إلا أن الجنود ساقوا زوجته أمامهم عائدين بها إلى حارم، فثار زوجها واستأسد في سبيل الشرف والكرامة، وتبع رجال الدرك، فدارت بينهم معركة انجلت عن مصرع بعض أفراد الدرك، ولاذ الباقون بالفرار، وعاد محو بزوجته، فأمده أحمد بك مرسل بكمية من البنادق والقذائف والعتاد، وانضم إليه أفراد آخرون. فأعدت السلطة الفرنسية قوة مؤلفة من أربعين جنديا لمطاردته، وتصدى لهم محو ورفاقه بنار حامية، إلى أن انسحب الجنود تاركين وراءهم قتلاهم. أما محو فقد انسحب إلى جبل الأكراد، واتخذ من منطقة جبل خاستيا وقازقلي مخبأ له.

وكانت لهذه الحادثة أعمق الأثر في المنطقة، حتى اجتمع حول “محو” أكثر من أربعين مجاهدا، تمكنوا بعد ذلك من قافلة نقل عسكرية فرنسية كانت تجتاز سهول العمق الكثيرة الأعشاب، حتى إذا ما توسطت المكان المعشب، أشعلوا النار أمام القافلة وخلفها وعن يمينها وشمالها، فلم يتركوا لها أي طريق للنجاة، فالتهمت النيران رجال القافلة وعجلاتها ودوابها وأرزاقها.

ثم خرج مجاهد كردي آخر يدعى Tek Bîqli Ĥacî  “ذو فردة الشارب الواحدة”(١6)، وألف عصابة قوية أقضت مضاجع الفرنسيين، واتفق مع محو ورجاله، وهاجموا حامية الحمام ” قرية الحمام التي على الحدود حاليا” الكائنة جنوبي جبل الأكراد، فقضوا على الحامية الفرنسية. ولما بلغ مسامع الحكومة العربية في حلب وقائع المجاهد الكردي ” محو”، تشاور إبراهيم هنانو وصبحي بركات ووالي حلب ومدير شرطته، حول القيام بثورة عامة على الفرنسيين في لواء الاسكندرون…(17).

بعد هذه الحادثة قرر محو و” تَكْ بيق له” الانضمام إلى المقاومة الشعبية التي كانت قد بدأت في مناطق مراش وعنتاب، وبقي محو يقاتل في صفوفهم إلى انسحاب الفرنسيين من تلك المناطق، وقتل “تَكْ بيق له” في هذه الأثناء، أما محو فقد منحته السلطة التركية الجديدة رتبة باشا، ووكلت إليه مهمة حماية مناطق من الحدود.

وفي أحد الأيام التقى “محو” بعدد من الجنود الأتراك في إحدى القرى الحدودية تبحث عن مطلوبين للخدمة العسكرية، فاحتج “محو” على عدم أخذ موافقته في ذلك، وتطور الأمر إلى مواجهة مسلحة بينهما، وقتل على أثرها بعض الجنود، وهم صف ضابط وجنديان، فاضطر “محو” إلى ترك الأراضي التركية، الأمر الذي جعله مطلوبا من الأتراك والفرنسيين على السواء.

حينها جعل محو من مرتفعات خاستيا وقازقلي من جبال الأكراد ملجأ، إذ كانت زوجته الثانية من قرية “تترا”  Tetera التابعة لناحية جنديريس الواقعة في وسط جبل قازقلي. ويقال إن شقيق زوجته تواطأ مع آغوات العمق والفرنسيين، وأقدم على اغتيال صهره “محو” في باب مغارة كان يستخدمها محو مقرا له بجوار القرية، ثم سلم جثته إلى الفرنسيين(18).

(16)– وهناك رواية أخرى تقول أنه من قرية Gomîtê.

(17)– يقال إن “حاجي” هذا كان ذا نظرة حادة، واشترط “حاجي” مع رفاقه على إخافة شخص معين مقابل قص فردة شارب إن أخفق في ذلك، وعندما أخفق حاجي في الرهان، يقال أنه قص فردة من شاربه، فسمي على أثرها بـ “ذو فردة الشارب الواحدة”.

(18)– أدهم آل جندي، تاريخ الثورات السورية، ص12.

د. محمد عبدو علي

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.