من هو دوريش آغا شمو ؟

كان أجداد آل شمو يسكنون مدينة حلب منذ القرن السادس عشر ، في أيام الشيخ عزالدين . وكانوا يعملون في النجارة في سوق النجارين بحلب . ويسبب ظروف اجتماعية خاصة ، ترك جد دوريش آغا مدينة حلب ، واستقر في قرية عرشقيبار بين أقربائه وبني دينه ، وعمل فيها بحرفة النجارة وأثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى ، صدرت تعليمات من قبل السلطات العثمانية ، تقضي بأن من يعمل في قطع الأشجار ، وتأمين الحطب لقطار الشرق السريع ، تعطى له وثيقة تعفيه من الخدمة العسكرية . وأوكلت مهمة إدارة الحطابين ، ومنح الوثائق إلى شخصيات محلية في جبل الكرد ، وكان من بينهم دوريش ، فساهم ذلك في إبراز اسم دوريش بين الإيزيديين . وبعد انهيار السلطنة العثمانية واحتلال الانكليز ومن بعد هم دخول الفرنسيين شمالي سوريا ؛ اجتمع دوريش وأخوه ناصر مع الملك فيصل كممثلين للإيزيديين ، وأوضحوا له موقفهم المعادي للعثمانيين وولاءهم للحكم الجديد .


أثارت ظروف الحرب وغياب السلطة الفوضى العامة في مختلف المناطق . وفي عام 1918 ، أعلن عن تشكيل القوات الشعبية ” قوات مللي ” التركية ، فانضمت إليها مجموعات سميت بالـ جته Cete ، وراحت تدعو إلى محاربة الكفار ” الفرنسيين ” ، واستعادة الخلافة العثمانية ، وأظهر بعضهم عداء للإيزيديين أيضا . وحدثت اشتباكات بين بعض هؤلاء اللّه والإيزيديين بجوار قرية عرشقيبار . جرح خلالها دوريش نفسه{1} ، فقامت القوات الفرنسية باستطلاع الأمر ، وطلب المستشار الفرنسي مقابلة ممثل الإيزيديين ، فذهب إلى اللقاء شخصان ، الأول : دوريش نفسه ، والثاني : علي جندو{2} وأثناء المقابلة ، أشار عليهم باختيار ممثل لهم ، فوقع الاختيار على دوريش ، وكان شاباً متحمساً ، وله مكانته بين أبناء طائفته . فطلب دوريش من المستشار الفرنسي بناء مدرسة خاصة لأولادهم ، وتأمين معلم إيزيدي لهم ، فقبل المستشار الفرنسي طلبه هذا وكان الفرنسيون في بداية دخولهم إلى منطقة ج الكرد ، يحاولون تهدئة أوضاعها ، فلجأووا إلى كسب ود مختلف المجموعات الدينية والطائفية والعشائرية . وكان الإيزيديون جماعة متماسكة ، ولديهم رجال مسلحون في قراهم ، فعمل الفرنسيون على استمالتهم ، وشجعوهم على تأسيس فرقة مسلحة بقيادة عمر أفندي شقيق دوريش ، سميت بفرقة الخيالة الأكراد ” وبعد إنشاء الإدارة المدنية السورية ، تقدّم المخاتير ووجهاء القرى الإيزيدية بمعروض يؤيدون فيه اختيار السيد دوريش شمو رئيساً لهم ، ووافق القائمقام على الطلب بموجب كتاب مؤرخ في 10 أيار 1925 ، واعتبر دوريش زعيماً للإيزيديين ، وسمي رسمياً رئيساً لعشائر الإيزيديين في قضاء أعزاز وجبل الكرد{3} ، وكتقليد اجتماعي لقب بالأغا.
وبعد ذلك بعامين ؛ استلم دوريش آغا ، وكالة عامة من سعيد بك بن علي أمير الإيزيدية في قضاء شيخان في لواء الموصل ، مؤرخة في / 2 حزيران 1927 / ، تخوله بإدارة شؤون الإيزيديين في نواحي أعزاز وجبل الكرد ، وبذلك تم تأكيد الزعامة الدنيوية لدوريش آغا على الإيزيديين في منطقة ج الكرد . وهكذا ، وبعد أربعة قرون من وفاة أخر زعيم إيزيدي في ولاية حلب الشيخ عزالدين بن يوسف الكردي ظهرت زعامة جديدة للإيزيديين ، وأصبحوا مجدداً قوة اجتماعية في المنطقة ، وغدا نفوذ دوريش أغا ومكانته تضاهي مقام الأغوات الأخرين .

هوامش:
{1} – أصيب دوريش أغا برصاصة في ساقه في اشتباك مع هؤلاء الـجه ته في موقع الجبل الأبيض Ciyayi Sipi شمالي قرية عرشقيبار .
{2} – هو والد زوجة دوريش أغا ، وفي الوقت نفسه أكبر أبناء عمومته المقيمين في قريتي قسطل و قطمة ، فعائلات علي جندر من قسطل ، ومعجونو في قطمة ، وشمو في عرشقيبار أولاد عمومة .
{2} – عارضه في ذلك بعض العائلات الإيزيدية ، وكان هذا الخلاف انعكاساً للصراع الذي كان يجري في منطقة ولات شيخ مركز الإيزيديين في كردستان العراق بين سعيد بك أمير الشيخان ، وحمو شرو الفقير الذي حاول انتزاع زعامة الإيزيديين بالقوة .
المصدر :
– محمد عبدو علي «الديانة الأيزيدية و الإيزيديون في شمال غرب سوريا» طبعة الاولى 2007 عفرين .

دلدار ميتاني

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.