* غــريبٌ أمــــرُ هــذا الـــزمـنْ *
Salah Issa
نعم هي كثيرة الاختناقات التي نعيشها هذه الأيام ، وبالعودة إلى المعجم نتبين الاختناق مصدراً لاختنق ، والاختناق يتنوع في معانيه كأن نقول اختناق مروري في المدينة الفلانية أي تكدس طرقاتها بالمركبات على أنواعها ، وأنا لا أود الاستطراد في تبيان معاني الكلمة لغاية في نفسي وقد تكون لغاية في أنفس جاسم وحمد ويعقوب .
هو الفرح طار بعيداً عن الديار …. هجر الأحبة …. تركهم في أتون الكآبة والأسى والضيم …. أفل عن حياتهم كونهم أنفسهم قد تركوا طيور الظلام تعبث بهذه الأرض الطيبة ، نعم وللحقيقة ، فإن أي جبروت لن يقو على مقارعة شعب متحد متعاضد متآلف ، بل إنه يحل طيفاً ثقيلاً على الكسالى ، على المأجورين وضعاف النفوس ، وربَّ مصداقية لقولي ما أسمعه من تكاثر وتكالب أناس تتساوى لديهم رشفة من بول فاتنة ورصاصة تخترق قلب طفل يحلم بأن يصبح ذا شأن عند الكبر ، أو فؤاد فتاة قد غيب الموت حبيبها ، نعم من الناس من يتساوى عندهم كل شيء في سبيل أن ينفذوا الأوامر الإلهية الصادرة من زعيم مستبد ، وإن ناقشتهم الأمر لاستكشفت بواطن الفسق في أنفسهم ، هم يظنون عمليات القتل والذبح وعرضها في فيديوهات إنما رجولة وأيما رجولة ، منهم من ينقذ نفسه من انتقام الآمر ، أو أنه يُـشرَّعُ له بأن الآخرين إنما ذباب يتوجب التخلص من وباء يجلبونه للنخبة من الأقوياء ممن يظنون امتلاكهم لكل شيء ، رغم كونهم أضعف وأجبن خلق الله .
نعم هو الاختناق نعيشه في سرنا ، وفي العلن نتظاهر بالفرح فنحذف من صفحات الفيسبوك التي ننشر فيها ، نحذف كل ما يبعث على الألم ، نبادر إلى تصفح الجوجول لانتقاء صور وحكم وأقوال جاهزة ، نضيفها إلى صفحتنا علنا نفرح ونـُفـرحِ الآخرين بها .
نعم ، فنحن قد كـُمَّتْ أفواهنا في شرق المذلة والهوان ، ومن البلية بمكان أن نسخر من الغرب ونستهزىء جل الوقت متهمين إياه بتدمير حياة الشرقيين ، نعم هاهم الغربيون يحتضنونا المهجرين في وقت هم يذبحون على أيدي أبناء جلدتهم .
لن أستطرد في الحديث فأعود إلى اختناقي الذي لن يؤذي أحداً وإنما تطال أذيته نفسي وروحي ، وأنا حر في كياني الإنساني لأني ذاتي ، سيحاسبني رب الخليقة على ما اقترفت يداي ، ولن يحاسب أحد سواي .
صلاح الدين عيسى تركيا ــ إزمير .