آثار بلدة شيران ( كوباني ) في متحف لوفر في باريس

تعتبر بلدة شيران التابعة قضائياً لمدينة كوباني من أقدم المواقع الأثرية في كردستان وتقع في قلب سهل سروج على بعد خمسة كيلو مترات من المدينة.

 تسميات عدة اطلقت على شيران خلال تاريخها الطويل فعرفت قديماً باسم حداتو خلال فترة حكم الإمبراطورية الآشورية في بلاد ما بين النهرين  وأما حالياً تسمى باسم شيران وهي جمع لكلمة شير في اللغة الكردية و معناها باللغة العربية الأسد.

يعود تاريخ استيطان الآشوريين للمنطقة وإرساءهم لقواعد حضارتهم إلى النصف الأول من الألفية الأولى قبل الميلاد, فقاموا ببناء مدينتهم  القديمة حسب اسس وطرق معتمدة في البناء لديهم, حيث تم إحاطة المدينة بسور شبه دائري طوله750متر وعرضه 550متر وجهزت المدينة بثلاثة مداخل رئيسية, مدخل شمالي وشرقي و غربي و يتقدم أمام كل مدخل من المداخل الثلاثة أسدان حجريان ضخمان من البازلت لحراسة المدينة و قد نقشت على الأسود كتابات باللغتين الآرامية و الآشورية.

وبني ضمن هذا السور بيوت طينية يسكنها عامة الناس بالإضافة إلى وجود المعبد الآشوري الذي كان يعتبر المكان المقدس لإحياء المراسيم الدينية , بني المعبد بحيث يتقدم مدخله تمثالان لثورين من أجل حماية المعبد و عثر فيه على تماثيل و قرابين أخرى كانت قد قدمت للآلهة.

ويوجد أيضاً ضمن سور مدينة حداتو القصر الملكي الذي يمتلك ساحتين, الأولى في الجهة الغربية مساحتها 1521متر مربع و يتوزع على محيطها  أربعة عشر حجرة أما الساحة الثانية التي تقع في الجهة الشرقية من القصر فتقدر مساحتها بحوالي 1023متر مربع يتوزع حولها عدد من الحجرات منه حجرات السكن الخاصة بالملك و زوجاته إضافةً إلى قاعة الاستقبال و حمام مؤلف من حجرتين و بقايا أثرية كانت تدل على أنها مراحيض.

يعود بداية اكتشاف الموقع لأول مرة إلى فترة الاحتلال العثماني, أما أولى أعمال التنقيب الفعلية  فقد قامت بها بعثة فرنسية عام 1927و استمرت حتى عام 1930وقد توقفت أعمال التنقيب في الموقع بعد ذلك حتى عام  2007حيث تم تشكيل بعثة مشتركة سورية–ايطالية و مع ذلك لم يتم استكشاف الموقع بكامله حتى الآن.

بالنسبة لأهم الاكتشافات التي وجدت في مدينة حداتو فقد تم العثور على منحوتة لعربة يجرها حصان ومنحوتة جدارية على شكل أبو الهول المجنح بالإضافة إلى العثور على الكثير من القطع العاجية في بناء يسمى بمنزل العاجيات وعلاوة على ذلك اكتشاف بقايا لسرير خشبي يعود للملك حزائيل و قد تم نقل معظم هذه الآثار المكتشفة  خلال فترات الاحتلال المتعاقبة إلى خارج البلاد.

هذا أهم شيء بالنسبة لتاريخ شيران القديمة أما الآن فيبلغ عدد سكان البلدة حوالي عشرة آلاف نسمة يقطنها عدة عشائر كردية مثل “علي دين ومعفي وشمسو غلي وحجي و ديمان موسكي ” وكانت البلدة سابقاً مساحتها كبيرة جداً لذلك تم تقسيمها إلى حوالي عشرين قرية استقلت عنها إدارياً ومن هذه القرى “جم حران- نوردان- بير رش- خراب كورت- كوليك – سي تب- جهجاء- ميرك – جوقر – صاق – هيجير”.

وكان معظم أهالي البلدة يعملون في زراعة المحاصيل المروية كالقطن والخضراوات ولكن بسبب نقص المياه أصبح الأهالي يعتمدون على زراعة المحاصيل البعلية التي تعتمد على موسم الهطولات المطرية كالقمح والشعير والعدس والكمون علاوة على ذلك فإن ما نسبته تسعون بالمئة من الأهالي لا يمتلكون الاراضي الزراعية وبناءً على ذلك فإن أغلبية الأهالي يعيشون في الفقر.

وتشتهر هذه البلدة بكثرة عدد مثقفيها الذين يعملون في كافة مجالات الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والتعليمية أما شبابها فإن ثلثهم مغتربون خارج البلاد بعضهم طلباً للعلم والبعض الآخر للعمل على حفارات التي صنعوها بأيديهم .

وأجمل ما يروى عن شيران هي عمق العلاقات الاجتماعية الحميمة فعلى الرغم من كثرة  العشائر المتواجدة فيها غالبا ما نجد أن علاقاتهم تتسم بالمودة والتآلف وكأنهم يعيشون في كنف عائلة واحدة ونادراً ما تقع فيها مشاكل كبيرة وإن حلت ضائقة لأحد الأهالي فإنهم يتكاتفون ويتعاونون فيما بينهم.

أضف تعليق