صلاح الدين عيسى – موسوعة جياي كورمنج
من البديهية بمكان أن ينحني الجسد أمام الأعصاب كونها قد خدرته وأراحته لسويعات أمضاها المرء في ليل الوسن محلقاً في أحلامه الوردية ، كم جميل صباح يستفيق المرء من سباته وبتثاقل يمضي لطقوسه التي من ضمنها لذة احتساء القهوة يرافقها حديث حميمي مع الأهل أو الخلان ، أو لانفراد يعيشه أحدنا في أي قصبة أو بقعة وعبر الأفق تلوحُ سلسلةُ ذكرياتٍ جميلةٍ منقوشةٍ على جدران نفسه. ما من آدمي ينشد الهوان والمذلة لنفسه أو لغيره إلا من فقد نعمة البصر والبصيرة ، لكل منا طريقته في صنع الفرح ، من الناس من يسعده إشقاء الآخرين ومنهم من يوزع أفراحه على معارفه فيشعر بالغبطة لحبور يتسمون به .
كل ناقة من عرقوبها معلقة ورب الخليقة قد هدانا النجدين ، والإنسان لابد وحاصد ما يزرعه عاجلاً أم آجلاً ، هي دعوة للإيثار والتفاني والتسامح أنثرها في أفئدة أولي الحكمة وذوي العقول النيرة ، فلنمسح من أنفسنا ما فات من أسى وأحزان ولنبدأ مشوار الحياة وقلوبنا يكويها لهيب المحبة . نعم يا إخوتي فنحن قادرون على ذلك وعندي من الأدلة والبراهين ما يكفي ، فكما أننا بارعون في تمجيد الألم وتصوير الحزن ومتفننون في التشكي والتذمر فإننا ولا شك نمتلك القدرة تحليقاً في فضاءات الفرح والغبطة. هل من أحد يشك في سديد قولي ؟ إذا هلموا زرافات وفرادى فرب البسيطة يبارك مسعانا الذي يحقق آدميتنا وجدارتنا في عيشٍ راقٍ كريم .