عيشه شان   Ayşa Şan

وُلدت الفنانة الكردية عيشه شان “عيشانه علي” عام 1938 في مدينة آمد شمال كوردستان، توفي والدها وهي صغيرة أثناء تأدية الخدمة الإحتياطية في الحرب العالمية الثانية لتعيش طفولة بائسة طفولة متعثرة بالفقر والجوع.

التفتت الفتاة الصغيرة إلى موهبتها وجمال صوتها عندما كانت تقام السهرات الغنائية الفولكلورية الكردية في منزل والدها الذي كان يحفظ العديد منها لتبدأ الغناء في حجر النساء وفي المواليد الدينية بقراءة القرآن والأناشيد الدينية .

في الخامسة عشر من عمرها سجلت أول ألبوم غنائي لها بشكل سري بسبب معارضة عائلتها المحافظة فكان لزاماً عليها أن تقف كمثيلاتها في وجه العادات والتقاليد وتحلق في سماء الفن غير آبهةً إلا بحلمها في الغناء ولكن حصل مالم تحسب له حساب فقد تم تزويجها من رجل متزوج كبير بالعمر ولديه أولاد لقطع طريق الفن أمامها ولكنها عاندت القدر وفرت مع ابنتها من بيت زوجها إلى آمد لتصطدم من جديد بتناقضات المجتمع وقوانينه الصارمة التي تحاسب الرجل اذا سلك طريق الفن ناهيك عن فنانة شابة وجميلة وفارة من بيت زوجها .

تزوجت عيشه شان للمرة الثانية من رجل اشترطت عليه أن لا يمنعها من الغناء، ولكن زوجها قتل في قضية ثأر لتبدأ معاناة فنّانتنا مجدداً مع مجتمع لا يرحم فقررت السفر إلى مدينة عنتاب في خمسينات القرن العشرين وغنت في إذاعة عنتاب المحلية باللغة التركية بدايةً وهناك تعرّفت على فنانين كبار لتخطو خطواتها على طريق النجومية والشهرة إلى أن فُصلت من الإذاعة كونها غنّت باللغة الكردية الممنوعة أنذاك.

استقرت عيشه شان في إسطنبول عام 1961بعد فصلها من الإذاعة وموت ابنتها الصغيرة ،وفي عام 1936م أصدرت أول نتاج لها بعنوان “Ez Xezalim” وبدأت تتألق لؤلؤة في عالم الفن لتتوالى نتاجاتها ويتعاظم شهرتها وتغني إلى جانب كبار الفنانين الأتراك أمثال ” عارف صاغ ، زكي مورن ، وآخرين

عيشه شان مثال المرأة القوية والجريئة تحدّت تهديدات الدولة التركية كما تحدّت من قبل قوانين مجتمعها وأصرت الغناء باللغة الكردية مما أثار حقد وعنصرية أحد القوميين الأتراك فقام بطعنها على أحد المسارح ولكن هذه الطعنة لم يكسرها كما لم تنكسر من قبل فغادرت إسطنبول إلى ألمانيا لتتابع مشوارها الفني من هناك وأقامت عدة حفلات في ألمانيا وهولندا والنمسا ودول أخرى.

عادت عيشه شان إلى إسطنبول عام 1975واصدرت ألبومها الشهيرMemo Gider Almanya,ya””                                         الذي لاقى اقبال من العالم بشكل كبير ثم توجهت إلى أزمير لتعمل في إذاعتها هناك.

توجهت إلى بغداد للغناء في القسم الكردي في إذاعة بغداد وإحياء حفلات فنية في بغداد وهولير والموصل ودهوك وهناك تعرّفت على كبار الفنانين الكرد الذين كانوا يتوافدون للغناء في إذاعة بغداد فاعتلى نجمها أكثر وأكثر وعندما عادت إلى تركيا تعرضت لظروف قاسية جداً مما اضطرها للتواري عن الأنظار لفترة لتعاود تسجيل أغانيها بالللغة الكردية :       Diyar bekir , Newroz , Werin Werin Pêşmerge

غنّت عيشه شان للوطن والحب بصوتها الرخيم الشجي والجميل وإحساسها المرهف العميق أغاني الطرب الأصيل لتترك بصمة مؤثرة في تاريخ الموسيقى الكردية بغنائها أصعب الألحان فغنّت بلغات مختلفة الكردية والعربية والتركية والفارسية لتستحق بجدارة لقب الملكة التي بدون تاج وسراي كما يصفونها.

توفيت عيشه شان بحسب ما ورد في كتاب في إحدى مشافي أزمير بتاريخ 18/12/1996وكان ابنها مراد وابنتها ياسمين إلى جانبها بعد أن انقطعت أخبارها عن العالم الخارجي لسنوات عديدة لتترك لنا إرثاً غنائياً غنياً وقصة كفاح ونجاح لامرأة لن تتكرر.

أضف تعليق