حسن زيرك (حسن عبد الله ) hesen Zîrek

ولد هرمُ الغناء الكردي “حسن زيرك” عام 1921م في مدينة “بوكان” بكوردستان إيران، وُلد يتيم الأب ثم تزوجت والدته لتتجلّى كل معاني قسوة الحياة وبشاعتها في طفولته البائسة، عانق الطفل الصغير أوجاع الحياة رغماً عنه، لم يلتحق بالمدرسة كجميع الأطفال بل اضطّر للعمل وهو في الثامنة من عمره في أعمال مجهدة من بيع المرطّبات إلى العمل في المقاهي إلى أجير باص ومن ثم العمل عند أحد الأغوات فصوته الشجي الجميل كان مدخلاً ليغني الأغاني الفلكلورية التي حفظها جيداً في المضافة الخاصة بالآغا في الأمسيات والسهرات الغنائية، هناك وعي وجوده وذاته ليقابل شظف العيش ومرارتها بالغناء والموسيقى ويترفّع عن الظروف السيئة بإحساسه المرهف العميق الذي نفذ إلى قلب ووجدان كل من سمعه.
مع مرور السنين كبرت موهبة الصبي اليافع وصُقّلت تجربته بالحياة والموسيقى أيضاً فقد عمل في أعمال عديدة ومتنوعة رافضاً الذل والعبودية في كل مرة يشعر فيها بالإهانة من قبل صاحب العمل حتى اضطر إلى ترك بلده والانتقال إلى العراق لتحسين مستوى معيشته والبحث عن فرص عمل أفضل فعمل أجيراً في فندق في بغداد إلى أن قادته الحياة إلى إذاعة بغداد تلك الإذاعة التي كانت موئلاً للفنانين الكرد آنذاك.
حسن زيرك قامة فنية عالية ورائد من رواد الأغنية الكردية، عانى خلال مسيرته الحياتية والفنية الكثير من المصاعب والضغوطات والتي لم تزده إلا إبداعاً وتألقاً وتميزاً وأيضاً التصاقاً بالوطن والإنسان فغنى لكوردستان والنوروز وناضل بلحنه وصوته ليشكل مدرسة غنائية أصيلة في تاريخ الفن الكردي.
قضى حسن زيرك عشر سنوات في العراق وتعرف على الكثير من الفنانين الكرد الذين كانوا يتسابقون للغناء في إذاعة بغداد القسم الكردي فسجّل أول أغانيه هناك وغنّى في برنامج أسيوعي في الإذاعة ذاتها التي عمل فيها مدة خمسة أعوام وسُجّلت له أكثر من سبعين أغنية بصوته الرخيم العذب ينثر الجمال والحب أينما صدح.
في عام 1959عاد حسن زيرك إلى طهران للعمل في القسم الكردي إذاعة طهران وفي تلك الفترة تعرف على زوجته ” ميديا زندي ” وانجبت له طفلتين ثم استقرّ به الأمر في إذاعة كرمنشاه عام 1960 وسجل العديد من الأغاني هناك وفي عام 1967رجع إلى بغداد ليسجل بعض الأغاني الجديدة وهناك تم اعتقاله ستة أشهر وتسليمه للسلطات الإيرانية لتتوالى المحن والمصاعب فانفصل عن زوجته ورجع إلى كوردستان إيران وفتح مقهى له في مدينة “بانه” كمصدر رزق وعيش دون أن يتخلّى عن عالم الفن الذي ذاع صيته فيها واشتهر بأغانيه المتجذرة في عمق الحياة ومشاعر الناس حتى اعتبره البعض الأب الروحي للأغنية الشعبية الكردية .
اضطر حسن زيرك بعد فترة إلى إغلاق المقهى وذهب إلى مدينة مهاباد ولأنه غنى للوطن وبلغته الكردية كان لا بد أن يدفع الثمن مثله مثل باقي الفنانين الكرد فتعرض لضغوطات وملاحقات من السلطات الإيرانية اضطر لمغادرة مهاباد إلى مدينة “شنو” التي قضى فيها باقي حياته.
اصدر الفنان الكردي حسن زيرك عشرات الألبومات الغنائية ومئات التسجيلات باللغة الكردية “اللهجة الصورانية” وباللغة الفارسية والقليل من التركية ليرتقي إلى مرتبة أستاذ الفنانين كما تميّز بعشقه للتراث والغناء الفلكلوري محافظاً بذلك على الآلاف من الأغاني الكردية من التشتت والضياع.
ارتبط عيد النوروز بأغنية “نوروزه” ارتباطاً وثيقاً حتى باتت الأغنية رمزاً من رموز النوروز والربيع والحياة الجديدة فلا يمكن للنوروز أن يمر دون أن نسمع على شاشات الفضائيات وفي الشوارع صوت حسن زيرك يعلو “نوروزه”
توفي حسن زيرك في عمرٍ مبكر في الواحد والخمسين من عمره في 26/6/1972 نتيجة إصابته بمرض سرطان الرئة فغادر الحياة بإرث فني غني وقدم راسخة في عالم الفن ومكانة عالية في قلوب الكرد جميعاً فلا يمكن لاثنان أن يختلفا في كونه أحد عمالقة الغناء الشعبي الكردي.

 

أضف تعليق