جولة بين المزارات الكوردية في سوريا 

1613881_10203108427967499_3626251409994509267_n

كوني ره ش – قامشلو

لكل شعب ماضيه وتاريخه, والأبطال هم الذين يصنعون تاريخ شعوبهم. ومن لا تاريخ له ـ أي لا أبطال له ـ لا الحاضر ولا المستقبل يمكن مساعدته في بناء تاريخه, و الشعب الكوردي مثل غيره من الشعوب المتواجدة في المنطقة له تاريخ عريق, بني تاريخه بزنود أبناءه المناضلين, سواء كانوا عسكريين أو سياسيين أو مفكرين… وبقدر اهتمام الشعب الكوردي بأضرحة شخصياته الوطنية تلك, هكذا تتضح لنا أصالة هذا الشعب وعراقته وتمسكه بعاداته وتقاليده وماضيه التليد. هناك العديد من الشعوب حولوا ويحولون أضرحة زعمائهم إلى مزارات رمزية أمثال: مزار مصطفى أتاتورك في تركيا و مزار الرئيس حافظ الأسد في سوريا ومزار الزعيم الديني آية الله الخميني في إيران ومزار الزعيم عبد الناصر في مصر… , وهنا أود أن أذكر القراء بالمزار العثماني على نهر الفرات داخل الأراضي السورية, هذا المزار ومنذ أن تم وضع الحدود بين تركيا وسوريا في عام 1928, وهو خاضع للحماية التركية وتحرس من قبل جنود أتراك رغم وجوده داخل الأراضي السورية… !!

أما نحن الكورد ومع وجود العديد من أضرحة المناضلين بيننا إلا إن الاهتمام بهم شبه معدوم… وأنا عندما أبحر بعيداً, إثناء ترجمة حياة أحد الوطنيين الكورد الذين ضحوا بكل ما يملكونه من غالي ونفيس, يصبح ضريحه لدي مزاراً مقدساً كيف لا وهذا البطل الذي أنا يصدد ترجمة حياته مدفون في هذه البقعة أو تلك وأفنى عمره في سبيل قضية أمن بها حتى النهاية… وهكذا يصبح ضريحه من الأماكن المهمة لديً, وهذه الأهمية هي التي تدفعني إلى زيارة أضرحة أولئك الأبطال سواء كانوا في دمشق كضريح الأمير بدرخان البوتاني:1802-1868وحفيديه الأمير جلادت بدر خان:1893-1951 والأميرة روشن بدرخان:1909-1992, والشاعر قدري جان في مقبرة الشيخ خالد النقشبندي أو أضرحة قدري بك وأكرم جميل باشا وممدوح سليم بك وانلي في مقبرة النبلاء بدمشق وحتى زيارة القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي في قلب مدينة دمشق من أولويات زياراتي, أما عند زيارتي لمدينة حلب وخاصة منطقة عفرين لا أستطيع تجاوز مقبرة الشيخ حنان بالقرب من بلدة كفرجنة كي ازور ضريح المناضل الوفي الدكتور نوري دير سمي والشاعر حامد بدرخان, وفي زياراتي لمنطقة الدرباسية أتوجه مباشرة نحو مقبرة (( بَر كَفرِه )) كي أسلم على المناضل والأديب عثمان صبري, الذي أبى إلا وأن يدفن بين تراب براري ماردين, كي يبقى شاهداً على عشق (درويشي عفدي وعدو لا تمر باشا), وكم كنت ارغب بالذهاب إلى ( صفيا ) الواقعة شمال مدينة الحسكة بحدود /20كم. كي أزور ضريح ( إبراهيم باشا المللي), هذا الزعيم الذي توفي في خريف 1908 و هو يصارع عشائر البدو من ناحية و هارباً من جماعة “تركيا الفتاة ” من ناحية أخرى, و في إحدى زياراتي لمحافظة الحسكة زرت ضريحه و تأملت اللهيب الذي ما زال يشع من ذرى ترابه حيث نسيت من جَرائه لهيب الصيف الحارق. 
و عبر كل زيارة إلى زهرة الحرائق ” عامودا ” أقف مشدوداً, و العرق يغلي في مسامات جسدي عندما أواجه ( تل شرمولا ) أشم رائحة النيران و هي تتأجج بغضب فوق عظام الأطفال الأبرياء, عندما احترقوا في سينما عامودا, يشدني أضرحة شهداء ذلك الحريق, و تحت رايات الحرائق المرفرفة فوق مقبرة شرمولا أزور أضرحة رشيد كورد و محمد علي شويش و حجي إبراهيم قجو و سعيد آغا الدقوري و محمد آغا الدقوري و غيرهم… 
وفي مدينتي العاشقة للحب و الشباب قامشلي, كلما تسنح لي فرصة أزور ضريح الشاعر جكرخوين الذي يرقد في باحة داره بالحي الغربي, و كذلك أزور ضريح الشاعر أحمد نامي و المناضلين المحامي كمال أحمد و رفيق دربه الأستاذ شيخموس يوسف وشيخ الشهداء معشوق الخزنوي بالإضافة أضرحة إلى شهداء 12 آذار 2004 بمقبرة قدور بك, ثم أعود إلى مقبرة حي الهلالية لأتأمل قليلاً أنات البلبل الحزين الفنان محمد شيخو و أقرأ الفاتحة على ضريح ابنة خالي و أم أولادي, أما مقبرة النبلاء في قرية دوكر شرق مدينة القامشلي بحوالي 25 كم, هذه المقبرة التي تحتضن رفات العشرات من المناضلين الكورد الذين أهدوا للشعب الكوردي أغلى ما يملكونه من مال و جاه و سلطان أمثال: حاجو آغا الهفيركي و حسن آغا حاجو و محمد آغا علي يونس و عبد الرحمن آغا علي يونس زعماء ثورة ساسون أو ” قوم الجبل” 
و د. أحمد نافذ بك زازا و الأستاذ حمزة بك مكسي أحد مسؤولي مجلة ” جين : Jin ” في مدينة استانبول 1918 و المهندس عارف بك عباس و د. قاسم مقداد جميل باشا و حاجي موسى بك خويتلي و محمد آغا عباس الدوركي و غيرهم… 

وهناك أضرحة متفرقة لشخصيات كوردية كانت فاعلة في المجتمع و الحركة التحررية الكوردية و هم كثر, و كلما تتاح لي الفرصة لا أتقاعس في التردد لزيارة أضرحتهم مثل: ضريح الشيخ أحمد الخزنوي في قرية تل معروف و ضريح الشيخ سيداي حجي موسى في قرية سيحا و ضريح الشيخ إبراهيم حقي في قرية حلوة و ضريح رسول آغا الجيلي في قرية (جم شرف) على ضفة نهر دجلة الغربية, و ضريح شقيقه عكيد آغا و نجله كنعان في مدينة ديريك و ضريح نايف باشا الميران زعيم عشائر الكوجر الميرية على قمة جبل قره جوخ و ضريح عبدي آغا المرعي في قرية ديرونا أغا… 
نعم… , إنني أزور أضرحة الشخصيات الوطنية, أولئك الذين خدموا شعوبهم بشكل أو بآخر,خاصة أولئك الذين كانوا لهم دوراً ثقافياً أو اجتماعيا أو نضالياً, هذا وإذا تسنى لي الفرصة و المجال سأزور كل ضريح رقد في داخله شخص خدم المجتمع و العلم.

1014070_10203108427527488_8178739181726610003_n 1901506_10203108427807495_2750459006244943929_n 10155631_10203108427487487_5209112495869207865_n 10176250_10203108427367484_644848483286366069_n 10270396_10203108427687492_65823819897081767_n 10290004_10203108427607490_7794055892607638850_n

أضف تعليق