عــــلـى رصـيـف الــذكريــات

10417115_1414341148852401_963804647_n

ثلاثون سنة مرت وكأنها طيف ، بل سويعات أو ثوان أو غمضة عين ، هكذا الأيام تمضي فتسرق من المرء طفولته وفتوته وشبابه لتلقي به على عتبات الكهولة لا من حول له إلا اجتراع الأسى واللوعة على عمر مضى ، عمرٌ لم يحقق فيه المرء ما يشتهيه ، عمرٌ ، ليتمنى الإنسان أن يعود به إلى الوراء ولو للحظات كي يسترجع ما فات من جميل الأحداث التي عايشها ، ولكن هيهات أن يحقق للمرء ما يشتهيه فالسفينة قد أقلعت وصافرتها قد صمت الآذان . عائشة حاجي فتاة التقيتها بالصدفة عبر الفيسبوك ، هي طيف يذكرني بمرحلة عمرية معينة عايشتها في أحضان قريتي * إيكي آخور * ، هي ابنة لعائلة قد ربطتني معها أواصر محبة وألفة مثلما كان حال أبي مع هذه العائلة وحال جدي وجدتي ، فقد كان العم ( مصطفى مشكو ) محبوباً من قبل والدي رحمه الله ، وباء المحبة قد استشرى فيما بيني وبين هذه العائلة ، التي اتخذتُ من معظم أفرادها أصدقاء أعزاء ، أصدقاء يلتزمون الصداقة منهجاً ومسلكاً . غيابي عن الوطن ومحطة عيشي في موسكو ، ومن ثم تنقلي في العمل كمدرس في ثانويات وقرى عفرين وأحداث أخرى ألمت بي ، كلها مجتمعة قد أسهمت في ضياع أخبارنا وربما هو التقصير من كلينا في تجديد التواصل ــ تواصلي مع عائلة عائشة وتواصلهم معي ــ كان سبباً في شتات أخبار عيشنا ، وفجأة ، وعبر الفيسبوك ، هذه النعمة الكبيرة لبني البشر ، فجأة تم التواصل وتجاذب أطراف الحديث والعودة إلى ماض غابر جميل . عرفتها منذ ثلاثة عقود فتاة ترتدي لباس الفتوة ، كانت في البكالوريا هذه كانت آخر مرة عرفتها من طبيعة حياتها ، أُدهشُ اليوم بأنها في لوس أنجلوس مع زوجها واثنين من أولادها ، فتاة جميلة في أبهى حللها وشاب فتي رائع المحيا ، يا الله كم هو سعيد أن يلتقي المرء من جديد بأحبابه وأجمله اللقيا بأولاد أحبابه ، لأكاد ــ حقاً ــ طائراً من الفرحة بأناس ترفرف في أفئدتهم وأعطاف أنفسهم وجنبات ديارهم ، طيور المحبة وحمائم الأمل والإخلاص والتفاني . إني ليطربني ويفرحني مرآكم يا أشبال عائشة ، فأنتما من رائحة وطني ، من عبق زهور ورياحين قريتي الجميلة ، الموغلة أناسهم في طيبهم وجهلهم وبساطتهم ووو، محبتي لك يا عائشة ولعائلتك الجميلة ، هكذا قدر لنا أختي العزيزة ، أن نعيش على الذكريات ، أن يضج بنا المكان فننزوي كل في ناحية من هذه البسيطة ، لكن أملاً لا أشك فيه ، يراودني بأنه ما من فراق إلا ويعقبه لقاء ، وإن كان لأمد قصير . الأمنيات لكم بالمحبة والوئام ، رجائي ألا تنسوا وطناً قد أغدق عليكم من خيراته ونعمه ، فالإنسان بلا وطن ، كسفينة تمخر عباب البحر بلا وجهة معينة.

10177414_1383231578630025_7305018342928090737_n

     Salah Issa

 

أضف تعليق